صناع المجد قلة.. والأبطال الذين يسجلون أسماءهم بأحرف من ذهب في مجلدات التاريخ عملة نادرة .. والأندر أن يكون منهم حارس مرمى .. لكن محمد الدعيع كسر القاعدة بعزم تليد وصبر يحطم الصخر .. فبات عميد لاعبي العالم .. وتفوق على المهاجمين حتى بقي هو الرقم الصعب في
بطولات ناديه الهلال .. وقبله كان ركيزة أساسية في المنتخب السعودي الأول لكرة القدم قبل أن يترجل مع انتهاء نهائيات كأس العالم 2006، حيث يستحيل أن تمر على الكرة السعودية وتاريخ الأخضر دون أن يقفز إلى ذاكرتك "الأخطبوط".
كبر سن عميد لاعبي العالم، لم يرهق كاهل الدعيع الذي ما زال فتيا بمستويات مبهرة، ما جعل البعض ينادي بعودته لحماية عرين الأخضر الذي يبحث عن مشاركته المونديالية الخامسة عبر نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010.
"الاقتصادية" التقت محمد الدعيع حارس مرمى فريق الهلال لكرة القدم، عقب تحقيق لقب الدوري، فأبحرنا معه في حديث مليء بالصراحة والمكاشفة في كثير من الأمور التي تخصه، وفريقه الأزرق، فإلى تفاصيل الحوار:
في البداية، نبارك لك تحقيق بطولة الدوري؟
أحمد الله عز وجل على هذه النعمة الكبيرة وأبارك باسمي ونيابة عن زملائي اللاعبين للجماهير وأعضاء الشرف ورئيس النادي والإدارة الهلالية هذا الإنجاز الذي تحقيق بعد مجهود كبير بذله الجميع لأكثر من ثمانية أشهر من العمل الجاد والإصرار على تحقيق أكبر قدر من البطولات. بدأ عملنا منذ معسكر تونس بداية الموسم وقد اتضحت الجدية والقتالية لتحقيق ما يصبو إليه الجميع. ولله الحمد حققنا لقبين محليين والوصافة في بطولة ثالثة ونستعد لنضيف لقبا محليا ثالثا هو كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال ليضاف إلى بطولة الدوري وكأس ولي العهد بإذن الله.
الهلال حقق لقبين في أقل من 37 يوما، ما السر الكامن خلف هذين الإنجازين؟
كما ذكرت سابقاً الجدية والإصرار والعمل الجاد الذي بذله الجميع إدارة وجهاز فني ولاعبون هو السبب الرئيس في ذلك، وحقيقة نحن لم نخسر في بطولة الأمير فيصل بن فهد رغم أن الكأس كان من نصيب النصر لأننا كسبنا أسماء كبيرة كأحمد الفريدي، عبد العزيز الكلثم، حسن خيرات، سلمان مؤشر، عبد العزيز الدوسري، بدر الدعيع، وغيرها من الأسماء الموهوبة، وهي بصراحة البطولة الحقيقية وأكبر دليل على ذلك هو أن الفريدي من جهز هدف فوزنا بالدوري لياسر القحطاني أمام الاتحاد، لذا هذه الأسماء الشابة هي البطولة الحقيقية بالنسبة لنا التي ستقود الهلال لمنصات التتويج وتبقيه زعيماً لسنوات كثيرة إن شاء الله تعالى.
لكن الهلال ظهر باهتاً بداية الموسم؟
بصراحة لم نظهر بالمستوى المأمول، كما لم نكن بذلك السوء لكي نخرج من البطولتين الخارجيتين بتلك الطريقة، ولكن الحظ لم يخدمنا حيث قدمنا مستويات جيدة في قطر والإمارات وخرجنا بالتعادل أمام الوحدة الإماراتي في البطولة الآسيوية ومن الاتفاق في البطولة الخليجية في ظروف الجميع يعلمها. ودائما مع انطلاق الموسم يبدأ الفريق بشكل تدريجي ومن سوء الطالع أن بطولة آسيا والأندية الخليجية كانت في بداية الموسم وخاصة الآسيوية فلم نلعب سوى مباراة واحدة في الدوري، لذلك لم يكن الخروج إخفاقا بقدر ما هو سوء حظ فقط، أما الدوري فقد بدأ الفريق بشكل تدريجي بسبب الضغط الإعلامي والجماهيري بسبب الخروج من البطولتين الخارجيتين، واستطاع الروماني كوزمين أورلايو مدرب الفريق خلق الانسجام والتفاهم بين اللاعبين ويحسب له اعتماده على أكبر عدد من اللاعبين ولله الحمد حققنا مرادنا ونسعى لتحقيق المزيد بإذن الله.
الهلال الموسم الماضي خرج خالي الوفاض، لكن هذا الموسم عاد بسرعة إلى البطولات ما السر في ذلك؟
بكل بساطة هذا هو الهلال الفريق الذي يعشق البطولات، ويبقى السر الحقيقي هو أعضاء شرفه في تماسكهم وحبهم للكيان وعملهم الجاد على نجاح النادي في جميع ألعابه, وطوال تاريخ الأزرق وشرفيوه يقفون معه وقفة رجل واحد خلف أي إدارة تتسلم النادي لذا إذا كان هناك سر فهم أعضاء الشرف. كما أن هناك نقطة مهمة جداً لم نكن في الموسم الماضي بذلك السوء فقد كنا البطل الحقيقي للدوري حيث أنهينا الأدوار التمهيدية بالصدارة وخسرنا أمام الاتحاد بشرف في المباراة النهائية، وفي كأس ولي العهد خرجنا من فريق كبير هو الأهلي، وأيضاً في الموسم الماضي كانت هناك بعض الظروف حرمت الفريق استقراره من استقالات إدارية وتغيير للأجهزة الفنية، كما أن الأمير محمد بن فيصل رئيس النادي لوح بالاستقالة في أكثر من مناسبة لذا لم نكن مستقرين في الموسم المنصرم لكن هذا الموسم التف الجميع حول قيادة أعضاء الشرف فحققنا المهم ولله الحمد وقدم أعضاء الشرف لنا والإدارة كل ما نريد ونحتاج إليه كلاعبين وحققنا ما نطمح إليه جميعاً وإن كان الطموح لا يتوقف بالنسبة لنا.
أمام الاتحاد خضتم شوطين مختلفين من الناحية الفنية؟
بصراحة الجميع يعلم الظروف التي مرت بنا قبل المباراة من ضغط وجهد بدني وذهني، حيث لعبنا أربع مباريات خلال عشرة أيام أمام الحزم والاتفاق والشباب مباراتين وخلالها لعبنا نهائي كأس الأمير فيصل كل تلك العوامل أثرت علينا وخاصة مواجهتي الشباب أرهقتانا كثيراً وأمام الاتحاد في الشوط الأول بالفعل لم نقدم أي مستوى يذكر ولم نتمكن من دخول أجواء اللقاء رغم أنها مباراة نهائية، وفي الشوط الثاني تبدل الحال بعد الاجتماع الذي عقدناه بين الشوطين والحمد لله كسبنا المباراة وحققنا البطولة الغالية.
ما الذي حدث بين شوطي المباراة التي جمعتكم مع الاتحاد؟
بعد نهاية الشوط الأول دخلنا غرفة الملابس واستمعنا إلى ملاحظات كوزمين، ثم اجتمع الأمير محمد بن فيصل مع كوزمين، منصور الأحمد، عبد اللطيف الحسيني، وأنا، وتحدثنا عن أنه لم يعد هناك ما نخسره فالذي أمامنا هو 45 دقيقة فقط، وجهد الموسم كاملا يقف على ما نقدمه خلال تلك الدقائق، وتذكرنا عدد من النهائيات التي كنا متأخرين في الشوط الأول وكسبناها في الثاني مثل الشباب 1418هـ، جابيليو الياباني 1420هـ، وغيرها من النهائيات، وبالفعل دخلنا الشوط الثاني بمستوى مغاير، وأيضاً أعتقد أن الهدف المبكر الذي سجلناه أعطى المباراة مذاقا أخر وبالفعل كان اللاعبون على قدر المسؤولية بعدما شعروا بها وحققنا الفوز الذي حضرنا من أجله فقط من الرياض وظفرنا به ولله الحمد.
كوزمين أورلايو مدرب الهلال مرتبط مع النادي بعقد لمدة موسمين، لكنه لوح بالرحيل نهاية الموسم، ما تعليقك؟
من الصعب تقييم التلميذ لأستاذه ولكن النتائج وحدها هي التي تقيم العمل وأعتقد أن وصوله لثلاثة نهائيات في المسابقات المحلية وتحقيقه لقبين منها أمر ممتاز، وكوزمين باق معنا فهو مرتاح مع اللاعبين ويحب العمل ونشيط جداً، وأعتقد أن اللاعبين فهموا طريقته حيث إنهم في السابق لم يكونوا مركزين بسبب تداخل المسابقات وضغطها وهو ما أثر فينا. وأعتقد أنه شجاع للغاية ومخلص ويحب العمل فقد أصر على تسلم الفريق الأولمبي وعانى ضغطا كبيرا فالذي لا يعلمه الجميع أنه كان يسافر مع الفريقين الأول والأولمبي، وفي فترات كثيرة لم يكن يفصل بينهما سوى ثماني ساعات فللأمانة قدم جهدا كبيرا وجرأة أكبر وتحمل مسؤولية فريقين مختلفين ولكن كانت لدية رؤية صائبة، وأتمنى أن يبقى فهو الأنسب للفريق المرحلة الحالية.
بعد أربع سنوات من تسلم الأمير محمد بن فيصل رئاسة الأزرق، كيف ترى العمل الذي قام به، وما رأيك في استمراره لفترة ثانية؟
الأمير محمد غني عن التعريف وعمله هو الذي يتحدث عنه وعن قيمته، ونجاحاته ترد على كل منتقديه، وإذا كان الأمر راجعا لنا فنحن نتمنى استمراره لفترة أخرى، ولكن الأمر أعتقد أنه في المقام الأول والأخير يعود لرأي الأمير محمد بن فيصل ولأعضاء الشرف فهم المعنيون بالأمر. وأعتقد الهلال لديه رجال قادرون على إكمال المسيرة بنجاح فأنا عاصرت خمس إدارات الأمير بندر بن محمد، الأمير سعود بن تركي، فواز المسعد، الأمير عبد الله بن مساعد، وحالياً إدارة الأمير محمد بن فيصل وكلها حققت النجاحات والبطولات بفضل الله ثم بفضل الدعم والمساندة من أعضاء الشرف والوقفات الحقيقية لذا فنحن على يقين سواء استمر الأمير محمد بن فيصل أو رحل فإنه سيكون قريبا منا كما هي عادته.
ظهرت هذا الموسم بشكل استثنائي أعدت للأذهان سنوات التألق قبل أكثر من عشر سنوات، ما السر في ذلك؟
بصراحة في السنوات الماضية عانيت مرض والدتي ـ رحمها الله ـ حيث كانت كل فترة وأخرى تدخل المستشفى، وبصراحة كنت أعيش لحظات عصيبة حرمتني التركيز، ولكن بعد قضاء الله وقدره ووفاتها ـ رحمها الله ـ وإيماني التام بقضائه وقدره تمكنت من العودة لحماية العرين الأزرق، كما أن هناك نقطة لا يمكن إغفالها وهي منصور القاسم المدرب الحالي الذي بكل أمانة عرف كيف يعيدني بمنحي تدريبات خاصة تختلف عن الجرعات التي تمنح لفهد الشمري، خالد شراحيلي، وبدر الدعيع، وركز على الجوانب التي احتاج إليه، وبفضل الله ومنته لعبت 32 لقاء لم أتعرض خلالها لأي إصابة، وأعتقد أن الاستقرار كان له دور كبير وقبل ذلك كله هو توفيق رب العالمين لي.
أصبحت قائدا للهلال بعد اعتزال سامي الجابر، هل هي شارة أم مسؤولية؟
أنا في الحقيقة أحمل شارة القيادة فحسب لأن لاعبي الفريق كلهم مرشحون للقيادة فياسر القحطاني قائد المنتخب الأول، عبد اللطيف الغنام قائد المنتخب الأولمبي، وطارق التائب قائد منتخب ليبيا، وأيضاً محمد الشلهوب القائد الثاني للمنتخب، إضافة إلى وجود نواف التمياط، عبد العزيز الخثران، وفهد المفرج، فأنا محظوظ جدا لوجود كوكبة من القياديين، ومن الصعب أن يقال إن محمد الدعيع يقودهم فهم لديهم من الخبرة ما يكفيهم ولكن نحن يد واحدة جميعاً لخدمة الفريق.
بعد تتويج الفريق ببطولة كأس ولي العهد أعلنت الاعتزال ثم عدت بعد كلمات أبوية من قائد المباراة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ما وقع تلك الكلمات عليك؟
لا شك أنها أعطتني الدافع الأكبر ولا شك أن الحصول على كلمات منه دافع كبير والأمير سلمان والدنا ولم يطلب مني البقاء بل هو يأمرني وكانت كلماته دافعا كبيرا لي وأحمد لله عز وجل أني لم أخيب ظنه بي، وفي الحقيقة لقد شرفني والدي الأمير سلمان بتلك الكلمات التي ستبقى في مخيلتي نبراسا لي سواء حالياً أو حينما أودع الملاعب.
ماذا عن الاعتزال؟ هل ما زال يراودك؟
كل ما أفكر فيه مباراتنا المقبلة أمام الوحدة في إياب كأس خادم الحرمين الشريفين، وبعدما ينتهي الموسم سأفكر جدياً في كل شيء. ر زميلك الدولي ياسر القحطاني، أكد أنه سيقف ضد قرار اعتزالك؟
ياسر أخ وصديق عزيز، ولا شك أن كلماته دافع كبير وشهادة أعتز بها من نجم كبير بحجمه، ولكن كما ذكرت كل ما أفكر به هو بطولة خادم الحرمين الشريفين للأبطال وبعدها لكل حادث حديث.
بعدما حققتم بطولة الدوري، وكأس ولي العهد، هل وصلتم لمرحلة الاكتفاء والتشبع؟
نحن الفريق الوحيد الذي عندما يحقق بطولة يفكر في البطولة التي تليها، والزعيم لا يشبع من حصد الذهب ولا يتوقف عند بطولة ومرحلة معينة.
ماذا تعني بذلك؟
نحن جاهزون لتحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال لنضيفها بطولتي الموسم ليكتمل المثلث الماسي، ونرد جزءا يسيرا مما قدمه أعضاء الشرف والإدارة والأجهزة الفنية والإدارية والجماهير.
لماذا ظهرتم بمستوى باهت أمام الوحدة في لقاء الذهاب، والجماهير غير راضية لعدم مشاركة أبرز نجوم الفريق في تلك المواجهة؟
في الحقيقة لعبنا المباراة وسط ظروف سيئة للغاية نظراً لإصابة عدد كبير كياسر، تفاريس، عزيز، والغامدي، بل لم نكن سيئين وكنا الأفضل في المباراة وتعتبر النتيجة جيدة رغم أنها سلبية لنا، ولكن في مواجهة الرد في مكة سنحسم التأهل بإذن الله.
هل بات الهلال يعتمد على عدد من الأسماء وفي غيابهم يختفي؟
غير صحيح إطلاقاً، ولكن أن تفقد ثلاثة لاعبين دوليين، وأجانب كبار، خاصة بحجم ياسر، عزيز، الغامدي، التائب، وتفاريس، لا شك أنك ستهتز، ولكن لأن الهلال فريق لا يتأثر بالنقص ظهرنا جيدين في اللقاء الماضي كما أن الهلال لديه أكثر من ثلاثين لاعبا جاهزا وعلى قدر من المسؤولية ولكن لا شك أن الاستقرار في التشكيل أمر مهم وعامل كبير.
كيف ترى حظوظكم في بطولة كأس الأبطال، وسط قوة المنافسين وتعطشهم لإسقاط الهلال؟
منذ بداية الموسم ونحن عاقدون العزم على تحقيق أكبر قدر ممكن من البطولات، ونعلم أن ذلك لن يتحقق بسهولة وندرك قوة المنافسين، ولكن نحن فريق بطل لن نتنازل عن البطولة ببساطة وهدفنا اللقب مع احترامنا للجميع.
هل تعلن التحدي؟
قلت سابقاً نحترم الجميع دون استثناء، ولكن الهلال لا يرضى سوى بالذهب والمركز الأول.
في ختام اللقاء ماذا تود أن تقول؟
أشكركم وأعد الجماهير الهلالية بالمزيد من الألقاب والبطولات، ولكن نحن في حاجة إلى وقفاتهم ودعمهم معنا كما تعودنا منهم.